كثيرًا ما نسمع عن تأثير الهواتف الذكية على الصحة، والتحذيرات المتعلقة بارتباط استخدامها بأمراض مثل السرطان أو تلف الأعصاب. ورغم عدم وجود أدلة قوية تؤكد صحة هذه المخاوف، إلا أن ذلك لا يعني أن استخدام هذه الأجهزة آمن تمامًا.
تتركز معظم التحذيرات على الإشعاعات الصادرة من الهواتف المحمولة، حيث تطلق الهواتف طاقة ترددات راديوية يمكن امتصاصها من قبل أنسجة الجسم. في الماضي، أشارت بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين الاستخدام المكثف للهواتف المحمولة وبعض أورام الدماغ. ومع ذلك، يوضح مارتن روسلي، رئيس وحدة الصحة البيئية في المعهد السويسري للصحة العامة والاستوائية، أن نوع الإشعاع المنبعث من الهواتف المحمولة لا يدعو للقلق.
في حديثه مع DW، أوضح روسلي أن الإشعاع الصادر عن الهواتف المحمولة هو إشعاع منخفض الطاقة يشبه الإشعاعات المستخدمة في الإشارات التلفزيونية والإذاعية، وقال: "من المستحيل أن يسبب هذا النوع من الإشعاع ضررًا مباشرًا".
أما بالنسبة للارتباط المحتمل بين هذا الإشعاع والسرطان، أضاف روسلي أنه لا يرى أي دليل على ذلك، مشيرًا إلى أن الدراسات التي تشير إلى هذه العلاقة تعتمد غالبًا على ذاكرة المصابين، الذين قد يبالغون في تذكر تفاصيل استخدامهم للهواتف. وأضاف: "لم نلاحظ زيادة في معدلات الإصابة بالسرطان خلال العقدين الماضيين، وهو ما كان متوقعًا لو كان هناك خطر كبير من استخدام الهواتف المحمولة".
ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الإشعاع الناتج عن الهواتف المحمولة لا يؤثر على الدماغ. فقد أظهرت أبحاث سابقة أن الموجات الدماغية قد تتغير بفعل هذا الإشعاع. كما كشفت دراسة جديدة شارك فيها روسلي عن وجود علاقة بين استخدام الهواتف المحمولة وتأثيراتها السلبية على الذاكرة لدى الشباب.
حيث قام الباحثون بجمع بيانات لأكثر من 700 مراهق سويسري تتراوح أعمارهم بين 12 و 17 عامًا على مدى عام، لدراسة تأثير استخدام الهواتف المحمولة على صحتهم النفسية والجسدية. أظهرت النتائج أن الإشعاعات تؤثر بشكل كبير على الجزء الأيمن من الدماغ، المسؤول عن الذاكرة التصويرية، خاصة لدى المراهقين الذين يضعون الهاتف على أذنهم اليمنى عند إجراء المكالمات. في المقابل، لم يظهر أي تأثير ملحوظ لاستخدام الرسائل النصية أو تصفح الإنترنت.

تعليقات
إرسال تعليق